لماذا يرتدي أبو عبيدة الكوفية الحمراء؟

يرتدي أبو عبيدة الكوفية الحمراء تيمناً بشهيدٍ ارتداها في التسعينات

الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة
لماذا يرتدي أبو عبيدة الكوفية الحمراء؟

بات الناطق باسم كتائب القسام "أبو عبيدة" نجماً ينتظر الناس إطلالته، ونجحت القسام في تحويله لأيقونة وواجهة إعلامية يعبّر عنها وعن مواقفها ورسائلها وعملياتها، مع كل حربٍ أو جولة تصعيد تشهدها فلسطين وخصوصاً قطاع غزة، ولعل كثيراً منكم تسائلوا لماذا يرتدي أبو عبيدة الكوفية الحمراء؟

لماذا الكوفية الحمراء؟

ترجّح مصادر وروايات متعددة أن أبو عبيدة يلبس الكوفية الحمراء المنقطّة بالأبيض بسبب اقتدائه بالشهيد القيادي بكتائب القسام عماد عقل، الذي يلقّب بـ"عرّاب المسافة صفر" حيث ظهر عقل في بداية التسعينات يرتدي الكوفية الحمراء بفيديو مصوّر.

ويعد عقل من الرعيل الأول لكتائب القسام وهو من مواليد جباليا شمال قطاع غزة، وقاد سلسلة عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة وتنقل في الضفة الغربية وخاض عدة اشتباكات ونفذ عمليات أخرى هناك ضد الجيش والمستوطنين، قبل أن يستشهد في اشتباك مسلح عندما حاصرته قوات الاحتلال في منزلٍ بمدينة غزة.

لم يتغير أبي عبيدة كثيرا منذ ظهوره الأول عام 2006، ربما لون الكوفية والخلفيات والشريط الذي يحيط به رأسه، بقي إيقاع الصوت الواثق ودقة الإلقاء واختيار المفردات والتراكيب وترتيب المعلومات ولغة اليدين والإلمام بما يقول.

في 25 يونيو/حزيران 2006، برز ابو عبيدة لأول مرة في مؤتمر صحفي ليعلن تنفيذ المقاومة عملية "الوهم المتبدد" شرق مدينة رفح، والتي أدت لقتْل جنديين إسرائيليين وجرح اثنين آخرين وأسر الجندي جلعاد شاليط.

تخمينات إسرائيلية

عام 2014، وبعيد عملية "العصف المأكول" التي أطلقت عليها إسرائيل عملية "الجرف الصامد" أفادت تقارير إسرائيلية أن أبو عبيدة هو نفسه شخص يسمى حذيفة سمير عبد الله الكحلوت، ونشرت صورة له بوجه مكشوف في محاولة دعائية لتشويه صورته تحت عبارة "لا تصدقوا الكاذب".

ويعيد الناطق الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي نشر تغريدة تؤكد نفس المعلومة التي نشرت قبل 7 سنوات، وأثار سخرية واسعة، لكن ليس هناك ما يؤكد أن أبو عبيدة هو سمير الكحلوت الذي يدعيه أدرعي، وتلك قد تكون رواية دعائية باطلة كبقية الدعايات الإسرائيلية.

وتشير التخمينات الإسرائيلية إلى أن أبو عبيدة بدأ الظهور في وسائل الإعلام منذ عام 2002 كأحد كبار نشطاء كتائب القسام الميدانيين. بل إنه -بحسب التقارير- كان حاضرا جميع المؤتمرات الصحفية، دون أن يظهر وجهه، وبعد عام 2006 أصبح المتحدث الرسمي باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام.

وتقول المصادر الإسرائيلية أيضا إن أبو عبيدة ينحدر من قرية "نعليا" في غزة، التي احتلتها إسرائيل عام 1948، وظل يعيش في جباليا شمال شرق غزة، وتعرض منزله للقصف الإسرائيلي أكثر من مرة أعوام 2008 و2012 و2014، ومرة أخرى خلال معركة "طوفان الأقصى".

ووفق التقرير -الذي نشره موقع يديعوت أحرنوت في 25 يوليو/تموز 2014- يتبين أن أبو عبيدة لديه وقت للدراسة، إذ حاز عام 2013 درجة الماجستير من كلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية بغزة عن عمله حول موضوع "الأرض المقدسة بين اليهودية والمسيحية والإسلام" كما يعد درجة الدكتوراه في نفس السياق.

وبات الإسرائيليون أنفسهم ينتظرون إطلالاته بمزيج من الخوف والتوجس، وهم يعرفون أنه جزء من حرب نفسية شديدة الوطأة عليهم، لكنهم للمفارقة باتوا يصدقونه أكثر من نتنياهو وأدرعي وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، منذ أحداث يوم "السبت الأسود" وما قبلها.

ليس مجرد ناطق عسكري

لفت الملثم أبو عبيدة الأنظار منذ ظهوره عام 2006 بثباته وطلاقته وقدرته على اختزال المعلومات والأفكار، لكن حضوره هذه الأيام بدا كبيرا، بحجم الإنجاز العسكري الذي تحقق يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبحجم ثبات المقاومة الفلسطينية على الميدان وبحجم الارتباك الإسرائيلي.

  • تجاوز أبو عبيدة في شعبيته حواجز كثيرة، فهو يحظى بمتابعة في الوطن العربي والعالم الإسلامي وفي أميركا اللاتينية وآسيا وأوروبا، وينظر إليه هناك كصوت للمقاومة والقضية الفلسطينية، لذلك هو لا ينسى أن يخاطب دائما أحرار العالم في إطلالاته.

  • في عصر الأدوات الاتصالية المتنوعة والمتعددة، يملك أبو عبيدة المهارات الاتصالية الأساسية للتأثير:
  1. هو أولا الناطق الرسمي باسم أقوى فصيل سياسي وعسكري فلسطيني في غزة مما يعطيه أولوية المتابعة.
  2. كوفيته مفتاح رئيسي للمتابعة، فهي رمز فلسطيني عالمي وإن اختلفت ألوان الكوفيات.
  3. أسلوب الخطابة واللغة القوية التي يتمتع بها.
  4. يعطي غموض شخصيته ولباسه نوعا من الكاريزما اللازمة للتأثير.
  5. يمزج في المخاطبة بين المرونة والبأس بنبرات صوته وهزات يده وطريقة تحريك أصابعه.
  6. يسرد تفاصيل الأحداث والمعلومات العسكرية والسياسية بدقة وفق الأولويات، ودون إطالة وبلا انفعالية زائدة.

  • هكذا بنى أبو عبيدة صورته وحضوره المؤثر، بلا اسم حقيقي معروف، وبوجهه المخفي بشماغ أحمر وزيه العسكري مع علم فلسطين على الذراع اليسرى، تراقبه إسرائيل جيدا وتترجم خطاباته، وتتمنى أن تُميط عن وجهه اللثام.

  • يتابعه اليوم أكثر من (نصف مليون) على حسابه في تليغرام الذي أنشأه عام 2020، وليس لديه أي حسابات عبر مواقع التواصل الأخرى، وحين يُغرد، فإن مئات الآلاف يقرؤون ما كتب خلال دقائق معدودة.

وقد أعطى أبو عبيدة روحا وقلبا لمهمة الناطق العسكري الذي عادة يتكلم حقائق لا يرمي من وراءها كسب تعاطف. ولكن شخصية أبو عبيدة وحضوره وطبيعة المعركة جعلته أكثر من مجرد ناطق عسكري، فيتابعه من يريد المعلومات عن طبيعة سير المعارك، لكن الغالبية يعتبرونه صوت معركة وقضية، وصوتا يبعث على الأمل ويفند السرديات الإسرائيلية.

أدركت كتائب القسام أهمية استغلال الصحافة والإعلام باكراً، ولا يقتصر المضمار الإعلامي الخاص بها على "أبو عبيدة" فحسب، بل أسست قسماً أو دائرة خاصة بالعمل والتوثيق الإعلامي، تُعرف باسم "الإعلام العسكري"، حيث يظهر في المهرجانات والفعاليات وبعض الإصدارات مقاتلون من القسام يحملون كاميرات ومطبوع على ملابسهم عبارة "الإعلام العسكري" إضافة لوجود موقع الكتروني رسمي للكتائب ومكتبة مرئية ومصورة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال